أثر الوقف في التنمية الاقتصادية

الوقف هو عملية تجمع بين الادخار والاستثمار، فهو عبارة عن اقتطاع أموال عن الاستهلاك، ثم تحويلها إلى استثمار بهدف زيادة الثروة الإنتاجية في المجتمع. وهو ما عبَّر عنه الفقهاء عند تعريفهم للوقف بأنه: «حبس الأصل، وتسبيل المنفعة»، أي أن يبقى رأس المال محفوظًا؛ مع إضافة أرباح إضافية عليه. وهو ما يُعرف الآن بمصطلح «التداول»، أي حركة وانتقال للمال، ومنع تجميده وثبوته في موضع واحد.

فالوقف في مضمونه الاقتصادي عملية تنموية، وثروة إنتاجية، فلا يُباع، ولا يُستهلك، ويحرم الانتقاص منه، أو التعدي عليه، كما يمنع تعطيله عن الاستثمار، ما يعني أنه ثروة تراكمية تزيد يومًا بعد يوم.

ومن أجل تنمية الأوقاف، واستثمارها، وتوظيف ريعها في خدمة الأهداف التنموية للنهوض بالمجتمع في جميع مجالاته، استُحدثت طرق وأساليب استثمارية عصرية، منها الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية، والأسهم والسندات، والوحدات في الصناديق الوقفية، والوقف الإلكتروني. وهي أشكال حديثة تنسجم مع حقيقة المضمون الاقتصادي للوقف.

وقد اهتم المختصون بالوقف بربطه بكل ما هو جديد في عالم الاقتصاد، من أجل الانفتاح على صيغ أكثر نفعًا، وأضمن استمرارية للصدقة الجارية، ولا شك أن هذا الانفتاح كان له الأثر البالغ في التنمية الاقتصادية للمجتمعات.

دور الوقف في التنمية الاقتصادية

  • يعمل الوقف على تعزيز الموازنة العامة للدولة، من خلال تكفله بكثير من النفقات التي تثقل كاهل الدولة، وتعد في الوقت نفسه من أهم العوامل التي ترقى بالأمة إلى ركب الحضارة والتطور.
  • يسهم الوقف في العملية الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، والتخفيف من عجز الموازنة، وتنشيط التجارة الداخلية والاقتصادية والبنية التحتية في الكثير من المناطق، وكذلك دوره في تخطيط المدن وإنشائها.
  • يعمل الوقف على إيجاد مصادر دخل للفقراء والمساكين والعاجزين عن العمل والأرامل والأيتام وغيرهم من المحتاجين، ما يغطي حاجاتهم الأساسية، وهذا ما يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة لهذه الفئات من المجتمع، ما قد يزيد من إنتاجيتهم الاقتصادية.
  • يعمل الوقف على تنمية رأس المال البشري، من خلال توفير يد عاملة متخصصة ومتنوعة في مجالات مختلفة بتنويعه لأشكال الوقف والجهات الموقوف عليها.

وسائل النهوض بالأوقاف:

للحفاظ على الأوقاف وتنمية دورها في القطاع الاقتصادي لا بد من تنميتها واستثمارها، وذلك عبر مجموعة من الخطوات هي:

  • حماية أصول الأوقاف، والمحافظة عليها من الضياع والتعطيل، وحفظ سجلاتها.
  • مراجعة السجلات القديمة للأوقاف لتحديد الأملاك الوقفية، وتسجيل ما يحتاج إلى توثيق رسمي، وإعادة ما كان غائبًا، أو تم الاستيلاء عليه.
  • رفع الكفاءة الإنتاجية للأموال الوقفية، من أجل توفير أكبر قدر من الإيرادات للأغراض التي حبست من أجلها.
  • تسهيل الإجراءات النظامية، وتقديم الدعم والتسهيلات من خلال تطوير التشريعات التي تحكم العمل الوقفي، وإعفائه من الضرائب والرسوم.
  • الوقوف على أصول مشكلات الأوقاف، والعمل على حلها بصورة فعلية.
  • إعادة النظر في فقه الوقف الموروث، والخروج به من إطاره التنظيمي التنظيري إلى الواقع العملي التفعيلي، بحيث يتم الانفتاح على العصر انفتاحًا متوازنًا بين الثوابت الأصيلة، والمتغيرات الحضارية، والتعامل مع الأوقاف برؤية جديدة لم تكن موجودة في الماضي، أو لم تكن الحاجة تدعو إليها.
  • ابتكار أنواع جديدة من الوقف، سواء من حيث الفكرة، أو التكوين، أو الاستثمار، أو أهداف الواقفين بما يحقق المردود الأفضل للمجتمع وشرائحه المختلفة.

يمكنك أن تختار الوقف الذي تود تخصيص تبرعك له لتجني ثواب الصدقة الجارية

أوقِف سهمًا
عودة للأخبار