وُلد أصل فكرة الوقف من رحم الإسلام، وقد كان أول وقف في التاريخ الإسلامي هو مسجد قباء، كما كان أول مَن أوقف أصلًا للأعمال الخيرية هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتوالت أوقاف الصحابة بعد ذلك واستمرت الفكرة قائمة حتى يومنا هذا.
وقد استلهم المجتمع الغربي الفكرة لما لها من أثر كبير في تنمية المجتمع وتعزيز روح التعاون فيه، وكما انتشرت الأوقاف في العالم الإسلامي، نشأت أيضًا أوقاف عالمية لا ينتمي مؤسسوها إلى الإسلام. ومن أهم هذه الأوقاف:
هو أكبر وقف عالمي من حيث الحجم والتأثير، وقد تأسس هذا الوقف في سياتل بواشنطن بقيمة 126 مليون دولار امريكي، وشهد نموًا خلال العامين الأولين من خلال التمويل ليصل إلى ملياري دولار، وتقدر قيمة الوقف حاليًا بأكثر من 42 مليار دولار، ما يجعله أكبر وقف على مستوى العالم حتى الآن، ويعمل فيه أكثر من 1382 موظفًا. ويعمل الوقف في خمسة مجالات، هي الصحة العالمية، والتنمية العالمية، والنمو والفرص العالمية، وشعبة الولايات المتحدة التي تعمل على تحسين التعليم الثانوي في الولايات المتحدة والتعليم ما بعد الثانوي، ودعم الأطفال والعائلات الضعيفة في ولاية واشنطن، وقسم السياسات والدعم العالمي.
مؤسسةStichting INGKA الوقفية بهولندا
هي مؤسسة هولندية تأسست في عام 1982م من قبل انجفار كامبارد Ingvar Kamprad الملياردير السويدي، وهي واحدة من أكبر المؤسسات الوقفية في العالم وثاني أكبر منظمة غير ربحية في العالم. وتركز المؤسسة على المشروعات الشبابية، ومشروعات توليد الدخل، ومشروعات مكافحة الأمراض، ومشروعات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمتلك المؤسسة شركة INKKA القابضة، ومقرها في ليدن، وهي الشركة القابضة التي تسيطر على 315 منفذًا من منافذ شركة ايكيا، وتمتلك محلات ومصانع وعددًا من الماركات العالمية وبرامج الامتياز التجاري. يبلغ حجم الوقف 39 مليار دولار، ويعمل به أكثر من 234 موظفًا.
مؤسسة غارفيلد ويستون Garfield Weston بالمملكة المتحدة
هي مؤسسة منح عائلية تقوم بتقديم المنح الخيرية، وتدعم مجموعة واسعة من البرامج الخيرية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، حيث تتبرع المؤسسة بأكثر من 62 مليون جنيه إسترليني سنويًا، وقد تم تأسيسها في عام 1958م من قبل عائلة ويستون، وتبرعت في عام 2018م بمبلغ مليار جنيه إسترليني.
وينحدر الأمناء من المؤسس غارفيلد ويستون، وتواصل عائلة ويستون اتباع نهج عملي يتسم بالديناميكية الشديدة، وتركز المؤسسة على تقديم الخدمات والأنشطة إلى المحتاجين، وتستجيب للطلبات المقدمة من المؤسسات الخيرية في قطاعات الرعاية الاجتماعية والشباب والمجتمع، وكذلك في المناطق المحرومة اقتصاديًا، ويستفيد نحو 2000 مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة كل عام من المنح التي تقدمها أوقاف غارفيلد ويستون، والتي تتراوح بين المشاريع الصغيرة والأعمال التطوعية إلى المنظمات الوطنية الكبيرة.
وتهدف المؤسسة إلى تقديم البرامج الأكثر احتياجًا، وبالتالي تدعم مجموعة واسعة من الأنشطة الخيرية في الفئات التالية: الفنون، التعليم، الشباب، الصحة، المتاحف والتراث، التواصل الاجتماعي، البيئة، العقيدة، الرفاهية، وتتمثل الأهداف الاستثمارية للأمناء في الحفاظ على القيمة المطلقة لرأس المال، وتتبنى المؤسسة استراتيجية استثمار تستثمر في محفظة متوازنة دون قيود جغرافية أو قيود خاصة بالقطاعات أو العملة، ويعمل بمؤسسة غارفيلد ويستون نحو 90 موظفًا.
أوقاف ويلكوم ترست Welcome Trust
تأسست في عام 1936م كصندوق خيري مستقل لتمويل الأبحاث وتحسين صحة الإنسان والحيوان، ويهدف الصندوق إلى تحقيق تحسينات مهمة في الصحة عبر دعم الفكر المبدع، بالإضافة إلى دعم البحث الطبي الحيوي. ويقوم الصندوق بدعم تبسيط العلوم لعامة الناس في مجال البحث الطبي.
ويعتبر صندوق ويلكم الثاني عالميًا بعد مؤسسة بيل ومليندا جيتس، وتعتبر ويلكوم ترست أكبر مزود في المملكة المتحدة للتمويل غير الحكومي للبحث العلمي، وواحدة من أكبر مقدمي الخدمات في العالم في مجال الأبحاث الطبية، وثاني أكبر ممول من القطاع الخاص في العالم بعد مؤسسة بيل وميليندا جيتس، والمحفظة الاستثمارية لوقف ويلكوم ترست تبلغ 23.3 جنيه إسترليني، ويستفيد منها أكثر من 70 دولة حول العالم. وفي عام 2015م بلغت قيمة المنح التي قدمها الوقف نحو 952 مليون جنية إسترليني، ويركز وقف ويلكوم ترست على الاستثمارات الأقل مخاطر، والاستثمار طويل الأجل لتعظيم النتائج والأثر المجتمعي، وعلى إنشاء تحالفات وشراكات استراتيجية مع منظمات محلية وعالمية، والاستقلالية في الإدارة واعتماد سياسات واضحة للاستقلالية، ويعمل بوقف ويلكوم ترست نحو 2057 موظفًا.
أوقاف تاتا الهندية
من أكثر الأوقاف نشاطًا في مجال العمل الخيري وتعتبر تجربة أوقاف تاتا تجربة ثرية في العمل الوقفي استطاعت أن تنقل العمل الخيري من بوتقة العطاء والتبرعات إلى مفهوم العمل الخيري الاستراتيجي الهادف إلى إحداث تغييرات حقيقية في المجتمعات التي يعمل بها الوقف. ويُعد مفهوم الدعم المجتمعي من المفاهيم الراسخة لدى أوقاف تاتا والتي يتم منحها ما يقرب من 66% من عائدات الشركة الاستثمارية الرئيسية لعائلة تاتا.
مؤسسة Azim Premji بالهند
بدأت المؤسسة بتنفيذ برامج متنوعة لتحسين جودة التعليم في جميع أنحاء البلاد، وتمتلك المؤسسة الآن معاهد في نحو 40 مقاطعة، وتركز على التعليم والمجالات المتصلة به في الهند، مثل: الصحة، والبيئة، والحوكمة، وغيرها، ويبلغ حجم وقف Azim Premji نحو 9.8 مليار دولار، وتمثل أصول وقف المؤسسة فقط 39% من أسهم شركة Wipro التي تقدم خدماتها في مجال تقنية المعلومات، ويعمل في وقف Azim Premji أكثر من 1000 موظف.
وشجعت الحكومة الهندية ذاتها على تنمية الأوقاف عبر القروض الصغيرة، فقد أنشأت برنامج تنمية الأوقاف الإسلامية الحصرية، وخصصت له منحة مالية قدرها 500.000 روبية هندية يستخدمها المجلس المركزي للأوقاف في تقديم قروض صغيرة لتمويل مشروعات وقفية في المدن، وقد استطاعوا أن يصلوا بالمبلغ إلى 150 مليون روبية خلال 25 عامًا، وبقي المبلغ إلى تاريخه مستثمَرًا في القروض الوقفية، وعوائده رأسمال للصندوق.
وهناك أنواع كثيرة من الأوقاف؛ من أبرزها: المؤسسات الوقفية الخاصة ويصل عددها إلى 103.880 مؤسسة مسجلة، وهي تشكل 74% من العدد الحقيقي لتلك المؤسسات، ودخلها من السيولة المالية لعام 2005م ما يقارب 242 مليار دولار، ولديها أصول ثابتة تتجاوز قيمتها 421 مليار دولار. ومن أبرزها -أيضاً- المؤسسات الخيرية العامة، ويصل عددها إلى 332.988 مؤسسة مسجلة، وهي تشكل 39% من العدد الفعلي، وكانت السيولة والتبرعات التي قدمت لها عام 2005م تقارب 1.5 تريليون دولار، وتصل قيمة أصولها الثابتة للعام نفسه نحو 2 تريليون دولار.
كما يدخل تحت اسم المؤسسات الوقفية الخاصة كثير من المؤسسات الوقفية في الغرب، مثل: وقفيات (وارن بافت) الأمريكي وقيمتها 37 مليار دولار، وهي تساوي 85% من ثروته، ولعل من أبزر الأوقاف التعليمية الغربية أوقاف هارفارد، وقد تأسست شركة “إدارة أوقاف هارفارد” في عام 1974م، وهي تتولى شؤون أوقاف جامعة هارفارد، وهي شركة فريدة من نوعها بين شركات إدارة الاستثمار؛ فهي تدير الشؤون المالية لأكبر وقف جامعي في العالم (وقف جامعة هارفارد)، والذي بلغ حجمه في عام 2012م نحو 30.435 بليون دولار أمريكي، وتقوم شركة هارفارد على تحقيق نتائج استثمارية طويلة الأجل تدعم الأهداف التعليمية والبحثية للجامعة، وتمتلك شركة إدارة أوقاف هارفارد فريقًا متخصصًا في منصة تداول “الأسواق العامة” وفريقًا آخر لمنصة تداول الأصول البديلة؛ وذلك بهدف إدارة الاستثمارات في طريقة تمنح الشركة المرونة الكاملة، والذكاء في التعامل مع تقلبات الأسواق، وقد حققت نموًا كبيرًا في رأس المال.