يشهد عالمنا اليوم تراجعًا غير مسبوق في الأوقاف الإسلامية، ومرجع ذلك إلى أسباب كثيرة، أبرزها:
أولًا: التأثيرات السلبية التي تركها المستعمر في البلاد الإسلامية
من فصل لدواوين الأوقاف الإسلامية عن الحكومات المسلمة ووصلها مباشرةً بالمفوضيات العليا، وجعل لها مستشارين غير مسلمين يتصرفون في شؤونها الإدارية والمالية بسلطة واسعة ونفوذ مطلق، فأرهقوا خزاناتها بالرواتب المستحدثة العظيمة.
إن الأوضاع السيئة التي مرت بها أغلب دول العالم الإسلامي قبل حصولها على الاستقلال سببت بشكل واضح اهتزاز بنية قطاع الأوقاف، الذي بقي يعاني أزمات متنوعة رغم حصول تلك الدول على استقلالها في الفترة الحديثة. بل إن بعضًا من هذه الدول انحرف مع ما أملاه المستعمر، إلى درجة أنها استغنت عن نظام الوقف.
ثانيًا: علاقة الدولة بالأوقاف الإسلامية
حيث بلغت سيطرة الدولة العربية الحديثة على إدارة الأوقاف إلى درجة أن نصت بعض القوانين على أن يكون تعيين الرئيس الأعلى لتلك الإدارة من اختصاص رئيس الدولة.
ثالثًا: الحاجة إلى نظام وقفي شامل متكامل
فالمطلع على الأدبيات الوقفية المعاصرة يلمس بسهولة أن التحدي الكبير الذي يواجهه الوقف حاليًا لا يكمن في البرامج والمقترحات والنظريات الإدارية والتشريعية، بل يكمن في الصيغ العملية والإمكانيات التنفيذية التي تتحد في داخلها كل هذه العناصر.
وفيما يلي أهم السبل في مواجهة تلك التحديات وإزالة أسباب انحسار الأوقاف من واقعنا:
1.نشر الوعي الديني بين أفراد الأمة، سيما مع توافر الوسائل التقنية المتطورة من أجهزة إعلامية وأقمار اصطناعية وإنترنت وغيرها من الوسائل.
2. إيقاظ الشعور الديني بوجوب التكافل والتساند. ذلك أن الوقف على العلم سبيل من سبل الإنفاق في سبيل اللَّه، والتقصير في الإنفاق في هذا الجانب نتيجة من نتائج ضعف الشعور الديني بوجوب التكافل بين أفراد المجتمع المسلم.
3. نهضة المجامع الفقهية بما يخص الوقف وكيفية الإفادة منه وتجاوز مشكلات التطبيق وحث الناس عليه.
4. بث سير أهل الخير من أهل المسارعة رفعًا لذكرهم، وشحذًا للهمم في اللحاق بهم.
5. وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية. فالأنظمة الوضعية المعمول بها في أكثر البلاد الإسلامية تقف دون إنشاء الوقف بصورته المعهودة في الشرع.
6. فتح باب القدوة من خلال ولاة الأمر والعلماء ووجهاء المجتمع.
7. ترك الحرية للواقف في إدارة وقفه إذا رغب إزالةً للشكوك والشبهات، التي كانت سببًا رئيسيًا في تراجع الناس عن الوقف.
8. الاهتمام بالأوقاف الموجودة وتنميتها وفق معطيات الواقع ومستجدات عصرنا.
9. العمل على إعادة الضائع من أصول الوقف.
10. وضع خطة اقتصادية ترعى حاجات الأمة فيما يتعلق بالوقف.
11. قيام مؤسسات اقتصادية متخصصة لرعاية واستثمار الأوقاف.
12. الاستفادة من التجارب المعاصرة التي بدأ بعضها يؤتي أكله فعليًا.
13. فتح باب المساهمة في الوقف الجماعي.
14. الاستفادة من خبرة الجمعيات الخيرية العاملة، فقد عملت في أوساط الحاجة، وتلمست مواطن الإنفاق، وتجمعت لديها خبرة في هذا الجانب لا يمكن الحصول عليها من غيرها.
15. العمل على الاستفادة من التجارب الحالية للدول غير المسلمة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها على أن توضع في إطار إسلامي.