الوقف لغةً: يطلق على الحبس.
الوقف في الاصطلاح الشرعي: هو حبس عين المال وتسبيل منفعته، أي جعلها منفعة عامة، طلبًا للأجر من الله تعالى.
الوقف بمفهوم عصري: أصول تُخصص بطريق التبرع أو الوصية أو تُشترى لتُمسك على سبيل الأمانة الدائمة لأغراض خيرية عامة أو خاصة مفيدة للمجتمع.
ويختلف تعريف الوقف باختلاف المذاهب الفقهية، لكن يمكن تلخيص هذه التعريفات كما يلي:
المذهب الحنفي: حبس الممتلكات وجعلها ملكًا لله، وتوجيه منفعتها للتصدق بها واستفادة الناس منها.
المذهب المالكي: جعل منفعة ممتلكة، سواءً كانت بأجرة أو بغلقها للشخص المستحق لفترة محددة يحددها الموقف.
المذهب الشافعي: حبس المال الذي يمكن الاستفادة منه، وتقريبه لله تعالى.
المذهب الحنبلي: تحبيس الأصل (رأس المال) وتسبيل الثمار (العائد)، أي أن رأس المال يبقى ثابتًا ويتم استخدام العائد الذي يتولد منه.
وتتفق المذاهب الأربعة على أن الوقف هو إبقاء الأصول ثابتة والتبرع بعائدها لوجه الله تعالى.
أدلة الوقف من القرآن والسنة
من القرآن الكريم :
من السنة:
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول االله صلى االله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. والوقـف عند العلماء صدقة جارية، وغيره من الصدقات ليست جارية.
وعن أَبِي هُرَيْرَة،َ قَال: قَالَ رَسُولُ االلهِ صَلَّى االله عَليْهِ وسَلَّم: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِه: عِلْمًا نَشَرَه،ُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَه،ُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَه،ُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاه،ُ أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاه،ُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاه،ُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِه،ِ تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِه.ِ
وعن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منها، فما تأمر بها؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال: فتصدق بها عمر.
وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: "من يشتري بئر رومة فيجعل منها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي" رواه البخاري.
كذلك من الأدلة ما رواه عمرو بن الحارث حين قال: ما ترك رسول الله -صلى االله عليه وسلم- عند موته درهمًا، ولا دينارًا، ولا عبدًا ولا أمة، ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة.
وقـد ذكر العلماء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوقف أموالًا متعددة من أراضٍ ومزارع مما أفاء الله عليه، وبعد ذلك تتابع الصحابة رضوان الله عليهم في الوقف حتى إن جابرًا رضي الله عنه قـال: (لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف)، وهذا إجماع منهم، فإن الذي قدر منهم على الوقف وقف، واشتهر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجماعًا.