التبرع لوقف الصدقة الجارية هو أحد أفضل الطرق لتقديم الخير الدائم الذي يستمر في إفادة الناس على المدى الطويل. الصدقة الجارية تشمل المشاريع التي تظل تقدم نفعاً حتى بعد وفاة المتبرع، مثل بناء المساجد، وحفر الآبار، وتوفير الموارد التعليمية. من خلال التبرع لوقف الصدقة الجارية، يمكنك أن تترك أثراً دائماً وتساهم في تحسين حياة الأجيال القادمة.
من صدقةٍ تُعطى مرة واحدة إلى صدقةٍ متجدّدة يدوم ثوابها ما شاء الله له أن يبقى ويدوم، بلا نقطاع. هكذا تكون الصدقة الجارية؛ فيبقى أثرها ولا تُنفَق مرة واحدة، بل تكون لها مصارف متعدّدة ومتجدّدة. فالصدقة الجارية أحد أشكالٍ ثلاث للعمل الذي لا ينقطع بعد وفاة صاحبه، بل يستمر ثوابه ويدوم أجره.
قال رسول الله ﷺ:
«إِذا ماتَ الإنْسانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلّا مِن ثَلاثَةٍ: إِلّا مِن صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صالِحٍ يَدْعُو له» [١٦٣١]
قال النبي ﷺ: "إذا مات العبد أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم
لا فرق بين الاثنين، ففكرة الوقف تستند في أصلها على حديث الصدقة الجارية التي لا ينقطع أثرها بعد وفاة الإنسان. والغاية واحدة، وهي البرّ والتقرّب إلى الله.
تجوَّز الفقهاء من الصحابة والتابعين في الوقف وعدّوه من أشكال الصدقة؛ كما عُرف أيضًا باسم "الحَبْس"، وفي بلاد المغرب العربي تُعرَف الأوقاف باسم "الحبوس" أو "الأحباس"، لأن الوَقف حَبسٌ للمال على غرضٍ معيّن، وتصدُّق بعوائده.
والأصل الأبرز الذي يستند إليه العمل الوقفي هو ما جاء في حديث عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، حين حُدّد له نصيبٌ من الأرض بعد غزو خيبر، فجاء إلي النبي ﷺ وسأله ما يفعل بها، فقال له النبي ﷺ: «إنْ شِئْتَ حبَسْتَ أصلَها وتصدَّقْتَ بها، على أنَّه لا يُباعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَث»، "فتصدَّق بها عمرُ في الفقراء وفي الغُرباء وفي الرِّقاب وفي سبيل الله وابنِ السَّبيلِ وفي الضَّيف، لا جُناحَ على مَن ولِيها أنْ يأكلَ منها بالمعروفِ أو يُطعِمَ صديقًا غيرَ متموِّلٍ فيه". وهذا يعني أنه قد حَبَس أصل المال وأوقفَه، وتصدَّق بعوائده وما يدرّه من خير في وجوه البر والإحسان.
لا فرق بين الاثنين، ففكرة الوقف تستند في أصلها على حديث الصدقة الجارية التي لا ينقطع أثرها بعد وفاة الإنسان. والغاية واحدة، وهي البرّ والتقرّب إلى الله.
الوقف أفضل من الصدقة لمرّة واحدة، فأثره يمتد ويدوم، ولا ينقطع بانقضاء الصدقة ووقت الانتفاع بها.
يمكنك إنشاء وقف خيري من خلال تخصيص بعض الأصول ليبقى نفعها وريعها، واشتراط عدم بيعها أو شرائها، بل تبقى لتُنفَق عوائدها في وجوه الخير التي يختارها صاحب الوقف.
وقد يكون الوقف فرديًّا أو جماعيًّا، لا سيما مع تعدد أشكال الوقف وطرق استثماره بصورة تضمن بقاء الأصل وتعظيم الأرباح، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الواقف لتنويع أشكال الإنفاق ومجالات العمل وأنواع الإحسان التي يُحب توجيه وقفه وصدقته الجارية إليها.
من خلال هذا الوقف، يتم استثمار أموال التبرعات في مشروعات مختلفة ومتنوعة، تتوافق مع مبادئ الشريعة، ثم إنفاق عوائدها في المجالات التي قد لا تغطّيها أوقافنا الأخرى. وبالتالي فهذا الوقف يتيح المجال أمام المتبرعين الذين لم يقرّروا مجالًا محدّدًا لتوظيف تبرعاتهم.
ومن خلال هذا الوقف، نسعى إلى الاستثمار الواعي بما يدرّ عوائد يمكن توظيفها في توفير الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الأساسية للمجتمعات وتمكينها من مواجهة المصاعب والكوارث الطبيعية. وهكذا فإن تبرعاتكم تُسهم في دعم المجتمعات على نحو مستمر ومتواصل، ليُكتب لكم الأجر باستمرار ويدوم الأثر ولا ينقطع.