التبرع لوقف سقيا المياه وحفر الآبار ليس مجرد عمل خيري، بل هو خطوة حاسمة نحو تحسين حياة الملايين حول العالم. المياه النظيفة هي حق أساسي لكل إنسان، ولكن هناك مناطق كثيرة تعاني من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب. من خلال التبرع لوقف سقيا المياه، يمكنك أن تكون جزءاً من الحل وتساعد في توفير هذه النعمة الأساسية لمن يحتاجونها.
مع اندلاع الحروب والنزاعات وتزايد معدّل الكوارث الطبيعية، تزداد الحاجة إلى مصادر المياه النظيفة، من أجل الوقاية من الأمراض والحفاظ على نمط حياة صحي. فمئات الملايين من الناس في أنحاء العالم يعانون شحَّ المياه النظيفة أو انعدامها. لذا فإن وقفًا كهذا سيُحدث تغييرًا هائلًا في حياتهم ويزيح عن كاهلهم عبئًا كبيرًا؛ إذ ينفق الآلاف منهم وقتًا طويلًا في السعي للحصول على المياه -وإن كانت ملوثة- من مصادر تبعد عن أماكن إقامتهم عشرات الكيلومترات.
ومن شأن ذلك كله أن يوفّر جهدًا ووقتًا قد ينفقونه في إحداث تغييرات وتطويرات في حياتهم اليومية. وهذا كله من خلال تبرعاتكم التي ستُستثمر في مشروعاتٍ تُنفَق عوائدها وأرباحها في توفير مصادر المياه النظيفة لتلك المجتمعات، في باكستان وأفريقيا وغيرها من البلدان، إضافة إلى المجتمعات التي أنهكتها الحروب ودمرت مصادر المياه فيها، مثل اليمن وسوريا وغزة.
قال الله تعالى:
"وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" [سورة الأنبياء: 30]
قال ﷺ:
"ليس صدقة أعظم أجراً من ماء" حسنه الألباني
وقال ﷺ:
"بينما رجلٌ يمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهث يأكل الثَّرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ" البخاري
سأل سعد بن عُبادة النبي ﷺ: يا رسولَ اللهِ! إنَّ أمي ماتت، أفأتصدَّقُ عنها؟ قال: نعم. قلتُ: فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: سَقْيُ الماءِ. وقد أورَد البخاري في صحيحه أحاديث سُقيا الماء لورود الأحاديث الكثيرة التي تحضّ على هذا العمل .
وقد جاء ذِكر الماء في القرآن الكريم ٦٣ مرةً، وارتبط الماء بالعديد من الأنبياء، فأورد القرآن قصص موسى (ابن الماء) ويونس (ذو النون، صاحب الحوت) ويوسف (الجبّ) وإبراهيم (زمزم) وصالح (شِرب الناقة) ونوح (الطوفان).
يستخدم حوالي ربع سكان الكوكب (مليارا إنسان) مياهًا ملوثّة في احتياجاتهم من مياه الشرب وغيرها؛ وهذا ما يُودي بحياة مئات الآلاف سنويًّا (ما يزيد عن ٨٤٠ ألفًا)، نتيجة الأمراض الناتجة عن تلك المياه الملوثة.
عند الحديث عن فضل هذا النوع من الأوقاف، نجد ما سقناه ابتداءً من قول النبي ﷺ إن أفضل الصدقة "سَقيُ الماء". وإضافةً لهذا، فقد ورد في الحديث أيضًا أن إحدى بغايا بني إسرائيل سقَت كلبًا فغفر الله لها، وكذا أيضًا لرجلٍ بلغ منه العطش ثم رأى كلبًا يلهث فسقاه فغُفر له. وذلك كله لما جاء عن رسول الله ﷺ أنه قال «في كلّ كبدٍ رطبة أجر»، حين سُئل عن ثواب سقي الماء في تلك المواقف الواردة في الأحاديث.
وهكذا، فإن التبرّع لحفر الآباء وإنشاء السُّبُل وشقّ القنوات، ووقف مصادر المياه تلك لعامة الناس، وإهداء ثوابها لنفسك وأحبّائك، يُعدّ من فضائل الأعمال ومن أنفع وجوه الخير التي يمتدّ أثرها في المجتمع ويتضاعف ثوابها لفاعلها. ففي كل جرعة ماء أجر، وفي كلّ وضوء من تلك المياه أجر، وفي كل توظيف لها فيما ينفع الناس من تنظيف وتشجير وتطهير أجورٌ مضاعفة بإذن الله.
من خلال هذا الوقف، يتم استثمار أموال التبرعات في مشروعات مختلفة ومتنوعة، تتوافق مع مبادئ الشريعة، ثم إنفاق عوائدها في المجالات التي قد لا تغطّيها أوقافنا الأخرى. وبالتالي فهذا الوقف يتيح المجال أمام المتبرعين الذين لم يقرّروا مجالًا محدّدًا لتوظيف تبرعاتهم. ومن خلال هذا الوقف، نسعى إلى الاستثمار الواعي بما يدرّ عوائد يمكن توظيفها في توفير الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الأساسية للمجتمعات وتمكينها من مواجهة المصاعب والكوارث الطبيعية. وهكذا فإن تبرعاتكم تُسهم في دعم المجتمعات على نحو مستمر ومتواصل.