ما هو الوقف الخيري
لمّا أرسى الله قواعد الإسلام، جعل له أنظمة عديدة تشكل أعمدته، اقتصاديًا واجتماعيًا وتشريعيًا وعقائديًا وغيرها. وفي النظام الاقتصادي الاجتماعي، كان الوقف الخيري ولا يزال أحد أهم أعمدة العمل الخيري في الإسلام، لدوره الفعال في تعزيز التكافل الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة. فالوقف الخيري يدعم مشاريع تعليمية وصحية واجتماعية ودينية.
في هذا المقال، نتناول معنى الوقف الخيري، ملامحه، مفهومه في الإسلام، وأحكام بيعه، بالإضافة إلى دوره المجتمعي.
معنى الوقف الخيري
الوقف الخيري هو سنّة عن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، ويعني حبس أصل المال أو العقار أو شيء تملكه، وتخصيص ريعه لإنفاقه على أعمال الخير والمنافع العامة، مثل بناء المساجد، المدارس، المستشفيات، ورعاية الأيتام وغيرها من أوجه الإنفاق. يتميز الوقف بأنه دائم، لأنه أصله يظل محبوسًا لا يُباع أو يوهب، بينما يُستثمر ريعه لخدمة المجتمع. من هنا، اعتبر الفقهاء الوقف الخيري من أعظم الصدقات الجارية، حيث يبقى الأجر مستمرًا حتى بعد وفاة الواقف بإذن الله.
ملامح الوقف الخيري
الوقف الخيري مفهوم متعارف عليه حول العالم، حتى في الديانات الأخرى. وهو يتميز بملامح عدة، تجعله مختلفًا عن أشكال التبرع الأخرى، من أبرزها:
ما هو مفهوم الوقف الإسلامي؟
وفي الإسلام، أصبح الوقف مفهومًا شرعيًا تنظمه أحكام الشريعة الإسلامية، حيث يعدّ سنة نبوية وصدقة جارية. وقد ثبتت مشروعية الوقف في العديد من الأحاديث النبوية، حيث قال النبي ﷺ: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له." (رواه مسلم).
وقد ورد عن صحابة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أوقف أرضًا لخدمة المسلمين. ففي الحديث أنه أصاب أرضاً بخيبر، فجاء إلى النبي ﷺ وقال: يا رسول الله: أصبتُ مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس منه، فبم تأمرني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدقتَ بها». فتصدق بها عمر على ألّا تُباع ولا تُوهب ولا تُورث، وتكون منافعها للفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل.
أما عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد اشترى بئر "رومة" وأوقفها لعامة المسلمين، وما زالت هذه البئر صدقة جارية إلى يومنا هذا.
هل يجوز بيع الوقف الخيري؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، من المهم توضيح أن الوقف الخيري يمكن أن يكون عقارًا أو ذهبًا أو مالًا أو سيارة أو أي شيء يملكه شخص ويمكن الانتفاع منه. وبشكل عام، لا يجوز بيع الوقف الخيري، لأنه شرط صحة الوقف هو حبس أصله عن أي تصرف ماله يؤدي إلى فقدانه. لكن وفي بعض الحالات، أجاز الفقهاء بيعه أو استبداله إذا كانت هناك مصلحة راجحة، مثل تعذر الانتفاع به أو الحاجة إلى استبداله بعقار آخر أكثر نفعًا. ويجوز بيع الوقف أو استبداله بإذن من القاضي أو الجهات المسؤولة عن الأوقاف، في حالات منها:
تعذر الانتفاع به: كأن يصبح الوقف قديمًا وغير قابل للإصلاح ولم يعد يعطي عائدًا يُنتفع به.
تحقيق مصلحة أكبر: مثل استبدال وقف صغير بوقف أكبر وأكثر إنتاجًا.
دور الوقف الخيري في التاريخ والمجتمع
منذ مئات السنين كان الوقف الخيري جزءًا أساسيًا من تطور المجتمعات الإسلامية، وساهم في إنشاء مبانٍ عريقة لا تزال حية حتى عصرنا. من الأوقاف المشهورة المعاصرة، الجامع الأزهر في مصر، وجامعة القرويين في المغرب.
وفي العصر الماضي، وصف الرحالة الشهير ابن بطوطة انبهاره بأوقاف دمشق في القرن الثامن الهجري في ظل حكم المماليك. وقال إن هناك أوقاف للعاجزين عن الحجِّ، وأوقاف لتجهيز البنات المقبلات على الزواج، وأوقاف لفكّ الأسرى، وأوقاف لأبناء السبيل، يُعطون منها ما يأكلون ويلبسون.
من جانبهم اهتمَّ العثمانيون بوقف المدارس والجامعات والمكتبات العامَّة، ولا تزال أوقافهم سارية حتى اليوم في الدولة التركية.
ومن المعروف أنه في بلاد مثل بريطانيا تعدّ بعض الجامعات العريقة وقفًا، وهو نظام متعارف عليه. إلا أن الوقف في البلاد الإسلامية لم يقتصر على خدمة المسلمين فقط أو يتم توجيهه إلى فئة محددة.
واليوم لا يزال الوقف الخيري يلعب دورًا هامًا في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال تمويل مشاريع الرعاية الصحية، دعم البحث العلمي، وتقديم المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة من الأزمات.
شكل الوقف الخيري في العصر الحديث
ساهم التطور التكنولوجي وتطور الأنظمة الاقتصادية بتطوير شكل الوقف الإسلامي إلا أنه لا يزال محتفظًا بشروطه الشرعية.
ففي الوقف البريطاني الدولي، نعمل مع الأسهم المالية الموقوفة لخدمة المجتمع. نستقبل التبرعات الوقفية من شتى أنحاء العالم، ثم نستثمرها في استثمارات منخفضة المخاطر مثل العقارات. وعندما تحقق التبرعات الوقفية عوائد سنوية نستخدمها في تمويل المشاريع الخيرية، ونعيد استثمار جزء من العوائد كي يبقى أصل التبرع محبوسًا ويدخل في دورة استثمار جديدة تساهم في نموه من جديد، فيبقى كصدقةٍ جارية.
في الختام
تبقى أهداف الوقف الخيري هي أهم وسائل التكافل الاجتماعي في الإسلام، حيث يضمن استدامة العطاء، ويعود بالنفع على المجتمع بشكل دائم. من خلال تبرعك بسهمٍ وقفي عبر الوقف البريطاني الدولي، يمكنك المساهمة في دعم مشاريع تعليمية وصحية وإغاثية ومشاريع سقيا الماء ورعاية احتياجات الأيتام. هذه الطريقة في العطاء والإنفاق تجعل الوقف الخيري من أفضل الاستثمارات في الدنيا والآخرة، يستثمر أثره وأجره كصدقةٍ جارية بإذن الله.
أسئلة شائعة عن الوقف
1. ما هو الوقف الخيري؟
الوقف الخيري هو حبس أصل المال أو العقار وتخصيص ريعه لدعم المشاريع الخيرية والمنافع العامة مثل التعليم والصحة.
2. ما الفرق بين الوقف الخيري والوقف الأهلي؟
الوقف الخيري يخصص للأعمال العامة التي تفيد المجتمع، بينما الوقف الأهلي (الذري) يكون موجهًا لدعم ذرية الواقف، وقد يتحول إلى خيري عند انقطاع المستفيدين.
3. ما أبرز خصائص الوقف الخيري؟
يتميز الوقف الخيري بالديمومة، واستثمار ريعه في الأعمال الخيرية، وعدم قابلية الأصل للبيع أو التملك الخاص.
4. هل يجوز بيع الوقف الخيري؟
الأصل أنه لا يجوز بيع الوقف الخيري، إلا في حالات استثنائية تتطلب استبداله لتحقيق مصلحة أكبر، وبإذن الجهات المختصة.
5. لماذا أتبرع بالوقف من خلال الوقف البريطاني الدولي؟
لأنك تضمن استثمارًا آمنًا ومتوافقًا مع الشريعة الإسلامية لوقفك. كما تضمن الوصول العالمي إلى أكثر المجتمعات احتياجات عبر التعاون مع مؤسسة "هيومان أبيل".
6. هل يجوز التبرع بزكاة مالي للوقف؟
حكم الزكاة شرعًا "فرض" وهي مختلفة عن الوقف "سنة". لذلك تعد طريقة ومصارف الزكاة مختلفة عن طريقة الوقف الخيري. فالزكاة من التبرعات الإجبارية في الإسلام بينما الوقف من التبرعات الطوعية.
